Return to site

نحن نعمل و لا ننتج

اول مقال ينشر بعنوان "نحن نعمل و لا ننتج" نشر في اكثر من جريدة

· article

نحن نعمل و لا ننتج

أقل من 45 دقيقة هي إنتاجية الموظف السعودي في اليوم. جملة قالها لنا أحد المدرسين في الجامعة صدمتني وكادت أن تضع حدا لطموحاتي المستقبلية خصوصا مع اقتراب سنتي الأخيرة كطالب. فقررت البحث عن الأسباب التي أدت إلى هذه النتيجة المخجلة.

 

أحد الأسباب التي توصلت إليها هو أن ساعات عمل الموظف السعودي طويلة مقارنة بالدول الأخرى المتقدمة، فقد ذكره عبد المجيد بن عبد الرحمن الفايز في مقال له في جريدة الاقتصادية بعنوان (مفاجأة.. السعوديون يعملون أكثر من اليابانيين) إن ساعات العمل الأسبوعية في فرنسا بحدها الأقصى تصل إلى 35 ساعة، وفي الولايات المتحدة إلى40 ساعة، وفي اليابان إلى 44 ساعة، ولدينا في السعودية تصل إلى 48 ساعة، وإضافة على ذلك فإن عدد أيام الإجازات الأسبوعية والوطنية والمهنية تعد الأقل بواقع 90 يوماً وهي أقل بـ 37 يوما من الولايات المتحدة، واليابان اقل الدول السابقة في عدد أيام الإجازات.

 

فساعات العمل الطويلة تعطي الموظف وقتا قصيرا لإنجاز واجباته الأخرى تجاه أسرته وأقاربه والتي لا يمتلكها موظفو الدول الأجنبية؛ نظرا لاختلاف عاداتهم الاجتماعية حيث ينفصل الأجنبي عن أهله كليا بعد تمكنه من الاعتماد على نفسه على عكس أفراد مجتمعاتنا العربية؛ التي تزداد فيها واجبات الفرد تجاه أقاربه بعد حصوله على وظيفة. كما أن هذه المقارنة تشعر الموظف بأنه مستغل.

 

قد يكون الحل الأمثل لهذه المشكلة هو تطبيق نظام أوقات العمل المرنة الذي بدأت بتطبيقه الكثير من المنظمات في الدول الغربية والذي ينص على أن الموظف يستطيع العمل وقت ما يشاء في أي مكان بشرط إنجاز العمل في الوقت المناسب. فهذا النظام يتيح للموظف الموازنة بين عمله وواجباته الاجتماعية بالطريقة التي تناسب ظروفه الخاصة.

 

وقد ذكر في مقال منشور في جريدة الاقتصادية بعنوان (ساعات الدوام المرنة مفهوم عملي يتيح للموظفة الموازنة بين عملها ومنزلها) بأن ريم الفريان (مختصة في الموارد البشرية) أكدت أن طول ساعات العمل لا يرتبط بالإنتاجية, فمن الممكن أن يقضي الموظف ساعات طويلة في العمل دون أن ينجز شيئا يذكر, بينما ينجز موظف آخر أعمالا كثيرة في وقت قصير إذا شعر أن المؤسسة تتيح له اختيار وقت العمل الذي يناسب ظروفه وحالته النفسية فيضع في اعتباره أن الإنجاز هو الهدف الرئيسي من الذهاب لمكان العمل وليس مجرد الحضور لساعات معينة.

 

ومن الأسباب الأخرى المؤدية لضعف إنتاجية الموظف السعودي هي أن الدوام الفعلي أقل من الدوام الرسمي والفرق كبير وهذه قضية معروفة ومسلم بها. فقد ذكر صالح السلطان في مقال له بعنوان (متى يبدأ الدوام الحكومي؟) بأن أغلبية موظفي الحكومة يأتون متأخرين ويخرجون مبكرين بحجة الفتوى المنفية التي تنص على أن الطريق من وإلى البيت جزء من الدوام.

 

وقد ذكر صالح السلطان أن ضعف الانضباط سبب رئيسي للبطء الشديد في إنجاز الأعمال وأن تأخير إنجاز مصالح الناس مضر بالاقتصاد ضررا بالغا.

 

وإحدى الوسائل لحل هذه القضية هي فرض رقابة صارمة على الموظفين الجدد لتعويدهم على الانتظام وتطبيق النظام.

 

المدير الفاشل أحد أهم الأسباب المؤدية لضعف الإنتاج. فقد ذكر الدكتور سامر حماد دكتور في كلية الإدارة في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بأنه في حالة تنصيب شخص ما مديراً فإنه يقوم بتعيين موظفين في نظره هم الأنسب، فإذا كان المدير فاشلاً فموظفوه سيكونون فاشلين بطبيعة الحال.

 

إضافة إلى ذلك فإنه يهمش الموظفين المتميزين المنتجين خوفا من بيان أنهم أحق منه بكرسي الإدارة، كما أنه من المشجعين للواسطة فهي التي أوصلته إلى منصبه.

 

هناك أيضا عادات وقوانين تستطيع الشركات تطبيقها تشجع الموظف على الإنتاج وتعزز في نفسه عادة الرقابة الذاتية؛ كتعيين الموظف في مجال العمل الذي يحبه وتوضح له أنه مهم وأن الشركة تعتمد عليه مهما كان عمله بسيطا؛ فعلى سبيل المثال فإن شركة أرامكو تسمح لموظفيها بالتأخر في القدوم إلى العمل في حال سوء الأحوال الجوية خوفاً على سلامتهم. حقنا بالمطالبة بإنتاجية موازية لإمكانياتنا قد يكون حلماً، ولكن ليس من المستحيل تحقيقه.